مقالات

سلامة المنهج.. ومنهج السلامة (2)

date

الخميس 11 شوّال 1443هـ 12 مايو 2022مـ

category

مقالات

comment

0 تعليق

ينظر بعض الإسلاميين للحديث عن ضرورة تحري سلامة المنهج وصحته على أنه إغراق في التنظير.. ومبالغة في الانشغال بالتاصيل والتأطير، بعيدًا عن أولويات النزول إلى أرض الواقع..! وهذا الظن من أمور العجلة المخلة .. فمَن قال إن الأمة قد فرغت بعدُ من تصحيح مساراتها نحو مشروعاتها في التغيير وغيره..؟

وهل يمكن للأمة إحراز نجاح أو تحقيق نصر دون تقديم مقدماته وعلى رأسها نصرة الدين وكمال التسليم لرب العالمين..؟ وقد حددت آيات القرآن الكثيرة عن نصر المؤمنين وتمكين الدين ؛ أن ذلك النصر له أسبابا قدرية..لا يمكن الوصول إليها إلا عبر مقدمات و مفعلات شرعية، في طليعتها : تصحيح المسار وضبطه على أسس الشريعة اعتقادًا وأحكامًا وسلوكًا، وهذا هو ما يُختصر في عبارة (سلامة المنهج) أو بتعبير القرآن : اتباع الهُدى أو الاستقامة على الصراط المستقيم .

ومن تأمل قول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)(محمد/7) ..سيجد أن للنصر مقدمة ونتيجة، ف(إن تنصروا الله) مقدمة شرعية..و (ينصركم) نتيجة قدرية.. فالمعنى : إن تنصروا دين الله شرعًا، ينصركم قدرًا، وهكذا يقال في قوله تعالى ( ولينصرن الله من ينصره) . ومهما تجاهلت جماعات المسلمين هذه السُنن الشرعية والكونية ؛ فستظل في التيه الذي لا منجى ولا ملجأ منه إلا إلى الله.

والخلل المحذور في المناهج قد يكون غُلُوًا في الدين وتشدداً في غير محله، بما يوصل إلى اقتحام محرمات لاشك في كونها من معوقات النصر وموجبات الهزيمة والخُسر . وقد يكون الخلل تبنيًا أو تغاضيًا عن بدعٍ قديمة أو معاصرة، توصل إلى العبث بمحكمات الدين وثوابت شريعة رب العالمين..وقد يكون بسبب غياب التفريق في المعاملة بين الأولياء والأعداء، لذبول أو ذهاب عقيدة الولاء والبراء ، أوغير ذلك من أوجه الخلل للناشئة عن من إيثار مناهج السلامة على سلامة المنهج .

سلامة المنهج لا تعني بداهة تبني الخيار الأصعب والأشد..بل ترمي إلى تبني الأحكم والأصوب والأسدِّ...فكم من تشدُدٍ يدخل في التنطع والتعجل المخرج من النهج القويم، ولذلك اشتهرت على ألسنة كثير من علماء السلف الأولين عبارة : ( لانعدِل بالسلامة شيئًا ) ومقصدهم سلامة وصفهم وصفهم من الإحداث في الدين ، وبراءة صحفهم من الوقوع في حرمات المسلمين ..

فهل تحتاج جماعات أو جموع الأمة إلى مراجعة مناهجها لتقويم مشروعاتها في ظل إخفاقاتها..؟ نعم.. وإلا فلا يحق لهذه الجموع أو لبعضها القول بأنها في شروع نحو استكمال (المشروع الإسلامي)..سياسيا كان أو جهاديا او دعويا..او حتى علميا وتربويا..