مقالات

رمضان ..واستثمار الأعمار

date

الجمعة 12 شوّال 1443هـ 13 مايو 2022مـ

category

مقالات

comment

0 تعليق

رمضان زمن شريف له حرمة، وحُرمته الزمانية كحرمة الحَرَم المكانية، لتنزُّل البينات من الهدى والفرقان فيه : (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس) [البقرة/١٨٥] ..

بل إن كل ماهو معروف من الكتب السماوية تنزلت فيه ، كما جاء في الحديث : ( أنزلت صحُف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لستٍ بقين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرةٍ خَلَت من رمضان) [ أخرجه أحمد في مسنده (١٦٥٣٦) وحسنه الألباني في السلسلة(١٥٧٥).

# .. لذلك فإن لزمان رمضان خصوصية تعبدية؛ استحق من ضيعها بأن يُوصف بأنه (محروم)، وصدق من قال من أهل العلم : " من رُحِم في رمضان فهو المرحوم، ومن حُرِم خيره فهو المحروم، ومن لم يتزود لمعاده فيه فهو المَلُوم" [ لطائف المعارف/١٤٨ ].

فراقب مسيرة عمُرك، وقارنها بحصيلة شهرِك لتعلَمَ أين أنت، فالأمر كما قال الإمام ابن القيم:

" العبد من حيث استقرت قدمُه في هذه الدار؛ فهو مسافرٌ إلى ربه، ومُدة سفره هي عمره، والأيام والليالي مراحل ، فلا يزال يطويها حتى ينتهي السفر، فالكيِّس لايزال مهتمًا بقطع المراحل فيما يقربه إلى الله، ليجد ماقدم حاضرًا " [ طريق الهجرتين/١٨٥ ]

# ..و ما أعظم نصح من وصفه ربه بأنه (حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) : حينما قال صلوات الله وسلامه عليه : ( نِعمتان مَغبُون فيهما كثير من الناس؛ الصحةُ والفراغ) [ رواه البخاري/٦٤١٢] ..

فسائل أوقاتَ شهرِك عن سنوات عمُرِك، لتتدارك مافات فيهما قبل الفوات، وتأمل كلام أهل العلم والدين، كالإمام ابن رجب، عندما نادى من أضاع رمضان فقال : " يا مَنْ ضيع عمُره في غير طاعة ؛ يا من فرَّط في شهره، بل في دهره وأضاعه، يا من بضاعته التسويف والتفريط وبئس البضاعة، يامن جعل خصمه القرآن وشهر رمضان..كيف ترجو من جعلته خصمك يوم الشفاعة ؟ " ..

فاللهم بارك لنا في أعمارنا وأعمالنا وسائر أمورنا ، وأصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر...

آمين..