مقالات

(عزة المسلم)

date

الاثنين 8 شوّال 1443هـ 9 مايو 2022مـ

category

مقالات

comment

0 تعليق

من تأمل بعض حديث القرآن عن العزة المكتوبة للمؤمنين، والذلة المضروبة على أعدائهم من المنافقين وسائر الضالين، تهزه الحقائق الكبرى التالية:

●العزة الحقة المطلقة لله وحده، وهو يهب لعباده منها بقدر علو قدرهم في طاعته وولايته، وأعلى خلقه في ذلك هو رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، ثم الأمثل فالأمثل ممن آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه ، وهذا معنى قوله تعالى {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}.

●المنافقون قديمًا وحديثًا هم أجهل الناس بهذه الحقيقة الإلهية، ولهذا قال الله بعدها {ولكن المنافقين لايعلمون}. وهم لجهلهم وعمى بصائرهم يتعاملون مع المؤمنين باستعلاء وكبر ناسبين العزة لأنفسهم دونهم، حتى إنهم لفرط جاهليتهم نسبوا في زمن النبوة العزة لذواتهم دون اعز الخلق على رب العزة سبحانه، قائلين {لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الاذل} فكانوا كأكابر المجرمين في كل عصر وحين من الذين قال الله فيهم {بل الذين كفروا في عزة وشقاق}.. بل إن امام المتكبرين فرعون بالغ في دعوى العزة حتى اقسم بها أتباعه يوم الزينة قائلين {بعزة فرعون انا لنحن الغالبون} فكانت نهايته نهاية في الذلة،وغاية في المهانة .

● أهل الأهواء والبدع من أنصار الكفار أو اذنابهم ينالهم من الذلة حظهم الأوفى في الدنيا قبل الآخرة، بقدر مافيهم من نفاق وضلال، كالذين تعبدوا بالباطل على عهد موسى عليه السلام ، فكتب الله عليهم الذلة وعلى كل من شابههم حتى قال عنهم {ان الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا} ثم قال {وكذلك نجزي المفترين} يعني كل افترى على الله، ناسبا زوره وبهتانه الى الله.

● اذل هؤلاء، هم صنف المنافقين، الذين يتكففون العزة من الاذلاء الاقلاء معرضين عن التماسها من فاطر الأرض والسماء، وهم الذين قال الله فيهم {الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين، ايبتغون عندهم العزة..فإن العزة لله جميعا} وبقدر الايغال في الغي والضلال يكون الاذلال، كما هو شان اليهود الذين لايخرجون من الذل ابدا الا اذا امتدت لهم اييد في عصر من العصور لتنتشلهم من الذلة الى حين{ كتبت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله، وضربت عليهم المسكنة}.

● مها كان المسلم عزيزا فإنه لايعتز على إخوانه المؤمنين، فالذلة لهم مع العزة على أعداء الدين من شروط النصر والتمكين، كما نطق به الوحي المبين {يايها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولايخافون لومة لائم ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم}.

● فهم الصحابة هذا الفضل ووعوا تلك الحقائق، حتى أجملها الفاروق- رضي الله عنه - في أجمل عبارة عندما قال (والله..لقد كنا أذل قوم فاعزنا الله بهذا الدين ، ومهما ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله)

نعم ، مهما ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله...

فاللهم اعزنا بعزتك، ولاتذلنا بالبعد عن دينك وشريعتك